Page 15 - مجلة اقتصادنا - العدد الرابع
P. 15

‫‪ --‬اقتصاد إسلامي ‪--‬‬

‫وخيرها يعم‪ ..‬وربحها يزيــد ويكثر‪ ..‬وهذا‬                                 ‫من هؤلاء النــاس‪ ..‬ولكن ليس غريبًا على‬
‫لا يكون إلا بأخــاق الإيمان التي عنوانها‪..‬‬
‫“ َفا ْســَت ِق ْم َك َما ُأ ِمــْر َت َو َم ْن َتــا َب َم َع َك َوَل‬  ‫َقاُلوا َرُّبَنا‬  ‫ام َلّنُلقُثرَأّمقاوْسلـَـاتللَقها ُمتوعاالَتَتىَن‪َّ:‬ز{ُإِلَّنَعاََلّلْيِذِيه َُنم‬
                                                                        ‫ا ْ َلَلِئ َك ُة‬
               ‫َت ْط َغ ْوا إَِّن ُه ِب َما َت ْع َمُلو َن َب ِصيٌر”‪.‬‬   ‫أََّل َت َخا ُفوا َوَل َت ْحَزُنوا َوأَْب ِشـُـروا ِباْل َجَّن ِة اَّلِتي‬
‫فالمسلم حين يشعر بالمسؤولية الشرعية‬                                     ‫ُكن ُتــ ْم ُتو َع ُدو َن}‪ ..‬أن يســتقيم في بيعه‬
‫والأخلاقيــة والأدبيــة في بيعه وشــراءه‬
‫وتعاملاتــه فإنــه ينضبط في ســلوكه‪..‬‬                                                     ‫وشرائه وتعاملاته‪.‬‬
‫وهذه هــي غاية الإســام القصــوى‪ ..‬أن‬
‫ُي ْن ِشأ مجتمعًا مسلمًا منضبطًا في سلوكه‬                               ‫وليس غريبًا على من سمع حديث الرسول‬
‫منســجمًا في تعاملاتــه‪ ..‬متحابــا متآلفًا‬
‫متراحمًا‪ ..‬وهنــا يمكننا القــول أن التاجر‬                              ‫صلى الله عليه وســلم لما جاءه أبو عمرو‬
‫المســلم هو حجر الزاويــة في إيجاد مثل‬
‫هذا المجتمــع‪ ..‬لأن تعاملاتــه تعم فئات‬                                 ‫ســفيان بن عبد الله الثقفي‪ ..‬رضي الله‬
‫الناس كلها كما سبق لنا القول‪ ..‬وبالتالي‬
‫فإنــه بمصداقيته واســتقامته وتواضعه‬                                                      ‫عنه الذي قال‪:‬‬
‫يكون المثل والصورة عن المسلم الصدوق‪..‬‬
‫والإنسان الراقي الذي يرقى بالمجتمع في‬                                   ‫قلت‪ :‬يا رســول الله‪ ،‬قل لي في الإســام‬

                                 ‫سلم المعالي‪..‬‬                          ‫قولاً لا أســأل عنه أحدًا غيــرك‪ ،‬قال‪“ :‬قل‬                                                                 ‫د‪ .‬إياد هشام الصاحب التميمي‬
‫وهنــا يلخــص عمر رضــي الله عنــه هذا‬
‫المعنــى لما ســأل عن الاســتقامة فقال‪:‬‬                                                   ‫آمنت بالله‪ ،‬ثم استقم”‪..‬‬                                                             ‫كيـــف يستقيم الظــل‬
‫أن تســتقيم على الأمر والّنهي‪ ..‬ولا َتُرو ُغ‬
‫َر َو َغــا َن الّثعالب‪ ..‬وقديمًا قال الحكماء‪ :‬من‬                       ‫ليس غريبًا على من سمع هذا ووعاه وفهم‬                                                                    ‫والعــود أعــوج‪..‬؟!‬
‫استقام بنفسه اســتقام به غيره‪ ..‬وكيف‬
                                                                                          ‫معناه أن يستقيم‪..‬‬                                                                   ‫أبــرز مــا يميــز المســلم الحقيقــي هو‬
                 ‫يستقيم الظل والعود أعوج‪.‬‬                                                                                                                                     ‫الإســتقامة‪ ..‬والاســتقامة هــي أبــرز ما‬
                                                                        ‫ولكن ما يجب أن نعرفه يقينًا أن الإستقامة‬                                                              ‫يحتاجه التاجر المسلم‪ ..‬الذي يعامل الناس‬
      ‫الدكتور إياد هشام الصاحب التميمي‬                                                                                                                                        ‫صغارهــم وكبارهم‪ ..‬رجالهم ونســائهم‪..‬‬
                                                                                          ‫تولد المصداقية‪..‬‬                                                                    ‫بــل التجار عبــر العصور كانوا هــم الصورة‬
                           ‫‪ -‬أستاذ ومحاضر جامعي‪.‬‬                                                                                                                              ‫المشرقة عن الإسلام وأهله‪ ..‬فتجار اليمن‬
      ‫‪ -‬مدير مالي وإداري لشركة سهيل والصاحب‬                             ‫والمصداقية هي أحــوج ما يحتاجه التاجر‬                                                                 ‫وحضرمــوت الأمنــاء المخلصيــن لدينهم‬
                                                                                                                                                                              ‫لمــا خرجوا لشــرق الأرض وغربها يحملون‬
                       ‫للحجر والرخام ‪ /‬بيت لحم‪.‬‬                         ‫المســلم‪ ..‬فالرسول صلى الله عليه وسلم‬                                                                 ‫بضائعهم على الســفن والــِركاب‪ ..‬كانوا‬
                                                                        ‫يقول‪“ :‬الَّتا ِجُر ال َّصـُـدو ُق الأَ ِمي ُن َم َع الَّنِبِّيي َن‬                                    ‫يحملــون أيضــا في قلوبهــم إيمانًا جليًا‬
                                                                                                                                                                              ‫وخلقًا عظيمًا واســتقام ًة في الســلوك‪..‬‬
                                                                                              ‫َوال ِّص ِّدي ِقي َن َوال ُّش َه َداِء”‪.‬‬                                        ‫وهو ما ولد مصداقية في تعاملهم أذهلت‬
                                                                                                                                                                              ‫كل من عاملهم‪ ..‬وجعــل الناس يتعجبون‬
                                                                        ‫وهــذا بالضبــط مــا نحتاجــه اليوم في‬

                                                                        ‫تعاملاتنا في البيع إذا بعنا‪ ..‬وفي الشراء‬

                                                                        ‫إذا اشــترينا‪ ..‬ولذا نجــد النبي يؤكد على‬

                                                                        ‫هذا الجانب في أخلاقنــا التجارية فيقول‬

                                                                        ‫صلــى الله عليه وســلم‪“ :‬البيعان بالخيار‬

                                                                        ‫ما لم يتفرقا فإن صدقــا وبينا بورك لهما‬

                                                                        ‫في بيعهما وإن كذبــا وكتما محقت بركة‬

                                                                                          ‫بيعهما”‪.‬‬

                                                                        ‫وهل يسعى التاجر إلا لهذه البركة تتنزل‪..‬‬

‫‪15‬‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20