Page 25 - Book final 1march
P. 25

‫العدد الثاني ‪ -‬السنة الأولى أذار ‪2017‬‬

                           ‫حقائق تاريخية عن‬
                          ‫العنف لدى الح�ضارات‬
                         ‫القديمة وتهمة �إل�صاق‬

                           ‫الارهاب بالا�سلام‬

                                                                      ‫أ‪.‬د‪ .‬قصي منصور الهيتي‬
                                                               ‫استاذ الحضارات القديمة ‪ /‬جامعة دهوك‬

                                                                    ‫‪lu.galqusay@yahoo.com‬‬

                                                                              ‫المقدمة‪:‬‬

    ‫تشير وقائع التاريخ إلى انه ما من مجتمع إلا ويحمل في تركيبته الثقافية مصدرا من مصادر العنف تقوده إلى فعل عنيف بموجب‬
                                              ‫الظروف المحيطة بالمجتمع سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية‪.‬‬

    ‫والفائدة المرجوة من هذه الورقة‪،‬هي معرفة الظروف والحوادث الواقعية التي رافقت عمليات العنف وكانت المبررات والمنطلقات‬
    ‫الأساسية التي ولدت اليوم مايعرف بالارهاب في ذات الوقت‪ ،‬وهذا الأمر يجعل من دراسة تاريخ العنف البشري ضرورة تفرضها‬
    ‫مناهج البحث العلمي الصحيح‪ ،‬بالنظر إلى أن الإرهاب اليوم ومتبنيه هم من حيث العنف والتطرف امتداد لما كان عليه‬
    ‫الإرهابيون في العصور القديمة‪ ،‬مع الأخذ بعين الاعتبار أن العنف الإرهابي المعاصر أعظم من الإرهاب القديم في الكم والكيفية‬
    ‫والتنظيم(‪ ،)1‬وأن اغلب الجماعات الإرهابية في العصر الراهن ما هم إلا البناء الذي أسسه مبنية على أفكار وإيديولوجيات قديمة‬

                                                                               ‫حدثت منذ زمن طويل(‪.)2‬‬
    ‫لذا أصبح من الضروري التعريج على تاريخ العنف والقتل الذي ظهر في العصور القديمة من تاريخ البشرية‪ ،‬عندما لم يكن مصطلح‬
    ‫الإرهاب قد ظهر بعد‪ ،‬بل يمكن أن نسمي تلك العمليات بالعنف الإرهابي‪ ،‬وذلك منذ بداية الحياة البشرية بقيام أول جريمة في‬
    ‫تاريخ الإنسانية مرورا بعصور ما قبل الميلاد في حضارات العالم القديم المدنية في بلاد الرافدين ـ دولة أول قانون لردع العنف ـ‬
    ‫مرورا بنشأة العنف والقتل في ثاني اعرق حضارة شهدتها المعمورة (حضارة وادي النيل) وصولا الى حضارة المجتمع الاوربي المتمدن‬
    ‫والمتمثل بالحضارة اليونانية والرومانية ‪ ،‬وأخيرا ندرس تاريخ العنف في العصر الاسلامي ‪ ،‬ثم نعرج على وصف الإسلام بالعنف‬

                        ‫والإرهاب والسبب الجوهري لهذا الوصف من قبل الإدارات والمؤسسات وبعض المجتمعات الغربية ‪.‬‬

    ‫المسمارية التي كتب بها المصطلح فهي عبارة عن آلة جارحة معقوفة‪،‬‬                     ‫أولا – العنف الأول في تاريخ البشرية‪:‬‬
    ‫ومن ألفاضها المقابلة باللغة الأكدية «سخابو» (‪ )sahapu‬بمعنى طرح‬
    ‫أرضا‪ ،‬وكلمة «سخيبتو» (‪ )sihiptu‬والتي تعني فعل البطش( )‪ .‬وكلها‬     ‫تجدر الإشارة الى ان كلمة عنف او تخويف او رعب ومنها إرعاب او إرهاب‬
    ‫معان تدل على التخويف والاعتداء‪ ،‬والاكثر من ذلك فان المصطلح الاول‬  ‫وردت في اللغات القديمة منذ اكثر من اربعة آلاف عام عند السومرييون ومن‬
    ‫«رعابو « يتشابه مع كلمة الرعب او الفعل ارعب قولا ومعنى‪ ،‬ويمكن‬     ‫اعقبهم من الأكديين والآشوريين سكان العراق والجزيرة العربية‪ .‬حيث نجد‬
    ‫تقريبه الى أرهب إرهابا ‪ ،‬وباستخدام المصطلح السومري «شو» (‪)ŠU‬‬      ‫بادي ذي بدء ان مصطلح العنف او الرعب يلفظ «رعابو» (‪ )ráâbu‬وبشكل‬
    ‫والذي يعني «يد» يمكننا ان ن ّعرف العنف المستخدم بالسلاح اليدوي‬    ‫دقيق يترجم الى «ارتجف» في اللغة الأكدية ـ لغة الاقوام الجزرية العربية‬
    ‫الذي ظهر شكله الصوري في العلامات الصورية من منتصف الالف الرابع‬    ‫ـ ويقابلها باللغة السومرية «شو‪ ،)U 2Š( « 2‬أما الشكل الصوري للعلامة‬

‫‪25‬‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30