Page 29 - Book final 1march
P. 29

‫العدد الثاني ‪ -‬السنة الأولى أذار ‪2017‬‬                                         ‫الفلسطينيين من ترك منازلهم والنزوح عن أراضيهم‪)23(.‬‬
                                                                                                  ‫وأخيرا وبعد هذه الحقائق التاريخية التي أردنا ان نجعلها غير مخلة على‬
    ‫المشتمل على الرعب والخوف‪ ،‬وأن تفسير هذه الآيات يدل دلالة واضحة‬                                ‫الرغم من اطنابها وليست مملة رغم اسهابها‪ ،‬والتي تناولنا فيها موضوع‬
    ‫على نبذ الإسلام للإرهاب‪ ،‬إذن من أين جاءت التصورات الغربية حول‬                                 ‫العنف البشري على مر العصور‪ ،‬تبين لنا ان العنف ولد مع ولادة بني البشر‬
                                                                                                  ‫وازداد مع ازدياد افرادالمجتمع الواحد وتوسع مع توسع المدن والدويلات‬
                   ‫إدانة المسلمين والإسلام وتجعلهم قتلة للبشرية ؟ !‬
    ‫الإجابة تكمن في أول ترجمة لمعاني القرآن العظيم‪ ،‬من اللغة العربية‬                                                                  ‫والامبراطوريات الحاكمة ‪.‬‬
    ‫إلى اللاتينية والتي صدرت في أوروبا إبان القرن الحادي عشر الميلادي‬                                      ‫اذن من اين للغربيين ان يلصقوا العنف والارهاب بالمسلمين ؟‬
    ‫(‪ )1141-1143‬والتي نشرت بعد أربعة قرون (‪ ،)1543‬إضافة إلى الترجمة‬                               ‫للاجابة على هذا السؤال نسوق الاسنتتاج الاتي من خلال فهم العنف بين‬
    ‫التي طبعت في لندن عام ‪1648‬م‪ ،‬فقد ترجمة كلمة «ترهبون» عند كل‬
    ‫هؤلاء إلى «‪ »to Strike Terror‬وكلمة «‪ »Terror‬تعني التخويف وقتل‬                                                 ‫الاسلام والاستشراق والذي أردناه خاتمة ورقتنا هذه ‪.‬‬
    ‫الأبرياء وكل مايوقع الرعب في النفوس‪ ،‬وبشكل عام نجد هذا المفهوم‬
                                                                                                             ‫رابعا ـ مفهوم العنف والإرهاب في الاسلام‪:‬‬
     ‫في المحافل الدولية بمعنى التخويف والردع المعنوي لعدو الناس(‪.)31‬‬
    ‫ومن هنا أصبح الإرهاب مرتبطا بالتخويف والترويع الذي يقوم به‬                                    ‫على الرغم من وجود إشارات كثيرة عن جرائم متعددة في الشريعة‬
    ‫المسلمون الملتزمون بالنص القرآني‪،‬وبذلك تكون مثل هذه الترجمات‬                                  ‫الإسلامية كجريمة القتل العمد والخطأ والسرقة وغيرها‪ ،‬إلا أن الشريعة‬
    ‫وتوابعها قد أقامت سداً منيعاً بين الأوروبيين والمعاني الصافية للقرآن‬                          ‫الإسلامية اهتمت أش َّد الاهتمام بجريمة واحدة يمكن أن تجمع عدة جرائم‬
    ‫الكريم ‪ ،‬وأورثتهم العداوة والبغضاء والكره الشديد للإسلام والمسلمين‪،‬‬                           ‫لاسيما وأنها تتصف في الإفساد وإرعاب الناس وتخويفهم مثلها مثل المعنى‬
    ‫وهذه ملاحظة هامة تسترعي الانتباه والتصحيح لفهم معاني القرآن حتى‬                               ‫اللغوي الاصطلاحي لكلمة إرهاب – التي سبق تناولها‪ -‬إنها جريمة الحرابة‬
                                                                                                  ‫والتي تعني في اللغة «الحرب» وهي نقيض للسلم وتأتي بمعنى القتل‬
                      ‫لا يقدح القرآن ويفهم جزافا معنا من معانيه‪.‬‬                                  ‫والمعصية‪ )24(،‬وهذا هو المعنى العام الذي يقابل جريمة الإرهاب في قوانيننا‬
    ‫‪ -‬من الأمور المسلم بها أن الإرهاب ليس وليد اليوم إلا أنه من المفيد أن‬                         ‫المعاصرة‪ ،‬لاسيما أنه جرم اتفق جميع الفقهاء المسلمين بجميع مذاهبهم‬
    ‫نشير إلى أن الإرهاب كمصطلح قانوني ظهر لأول مرة في ملحق قاموس‬                                  ‫على تحريمه كما ويشتمل على إخافة الناس وإرهابهم بالعنف والقوة بأي‬
    ‫الأكاديمية الفرنسية سنة ‪1798‬م ‪ ،‬وكمصطلح دولي ذاع صيته لأول مرة‬                                ‫صورة من الصور أياً كان مسماها‪ ،‬وانه يجب التصدي لها ومكافحتها‪ ،‬وبهذا‬
    ‫في المؤتمر الدولي المنعقد في بروكسيل عام ‪1920‬م‪ ،‬وذلك بهدف توحيد‬                               ‫تكون الحرابة بالمفهوم الواسع للفقه الإسلامي هي عين ما يتداوله العالم‬
                                                                                                  ‫اليوم والذي سماه بجريمة الإرهاب‪ )25(.‬وبذلك يكون الدين الإسلامي أول‬
                                        ‫القانون الجنائي‪ ،‬انظر‪:‬‬
                               ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬                                 ‫من دعى إلى محاربة الإرهاب منذ أكثر من أربعة عشر قرنا‪.‬‬
                                                                                                  ‫أما كلمة الرهبة فقد وردت في القرآن الكريم في عدة معان منها الخشية‬
    ‫‪-1‬محمد عبد اللطيف عبد العال‪ ،‬جريمة الإرهاب – دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة‬
                                                                                                                         ‫وتقوى الله‪ ،‬في قوله تعالى في سورة البقرة ‪:‬‬
                                                     ‫الأولى‪ ،‬القاهرة‪،1994 ،‬ص‪.6-7‬‬                  ‫«يَا بَ ِني إِ رْ َسائِي َل ا ْذكُ ُرواْ نِ ْع َم ِت َي الَّ ِتي أَنْ َع ْم ُت َعلَيْ ُك ْم َوأَ ْوفُواْ ِب َع ْه ِدي أُو ِف‬

    ‫‪-2 Schaffert Richard W (1988)Coverage and Political Terrorists, a Quantitative a‬‬                                              ‫ِب َع ْه ِدكُ ْم َوإِيَّا َي فَا ْر َهبُو ِن»(‪.)26‬‬
                                                                                                         ‫ووردت بمعنى الخوف والرعب‪ ،‬من قوله تعالى في سورة القصص‪:‬‬
    ‫‪analysis Proeger , New York, p.37‬‬
                                                                                                                         ‫« َوا ْض ُم ْم إِلَ ْي َك َج َنا َح َك ِم َن ال َّر ْه ِب»(‪.)27‬‬
    ‫‪3. Labat R (2002) Manuel D Epigraphie Akkadienne, paris, No. 545, p.277‬‬                                               ‫كما نقرأ في سورة الأنفال من قوله تعالى‪:‬‬
                                                                                                  ‫« َوأَ ِع ُّدواْ لَ ُهم َّما ا ْستَطَ ْعتُم ِّمن قُ َّو ٍة َو ِمن ِّربَا ِط الْ َخيْ ِل تُ ْر ِه ُبو َن ِب ِه َع ْد َّو اللّ ِه‬
                                                        ‫‪ - 4‬سورة البقرة‪ ،‬الآية‪.30:‬‬
                                                                                                                                              ‫َو َع ُد َّو ُك ْم»(‪.)28‬‬
    ‫‪ - 5‬صوفي أبو طالب‪ ،‬تاريخ النظم القانونية والاجتماعية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،1988 ،‬‬      ‫والآية الاخيرة تد ُّل على معنى الردع المعروف في موازين القوى العسكرية‬
                                                                                                  ‫الحالية‪ ،‬ونجد في آية كريمة أخرى دلالة واضحة نستدل منها على تعريف‬
                                                                      ‫ص‪.84‬‬                        ‫لشيء آخر يمكن أن نسميه «بالاسترهاب»‪ ،‬وذلك في قوله تعالى في سورة‬

                                                  ‫‪ - 6‬سورة البقرة‪ ،‬الآية‪.251 ،250 :‬‬                                                                ‫الأعراف‪:‬‬
                                                                                                  ‫«قَا َل أَلْ ُق ْواْ فَلَ َّام أَلْ َق ْواْ َس َح ُرواْ أَ ْعينُ َ ال َّنا ِس َوا ْسترَ ْ َه ُبو ُه ْم َو َجاءوا ِب ِس ْح ٍر‬
    ‫‪- 7‬اندري بارو‪ ،‬سومر فنونها وحضارتها‪ ،‬ترجمة عيسى سلمان وسليم طه التكريتي‬
                                                                                                                                               ‫َع ِظي ٍم»(‪.)29‬‬
                                                        ‫بغداد‪،1979،‬ص‪.228-229‬‬                      ‫ومن معنى الآية الكريمة يمكن أن نصف العملية الحاصلة بأنها‪ ،‬عبارة عن‬
                                                                                                  ‫«قوة غاشمة مزيفة وغير شرعية ومظلة فعلت أمام أعين الناس لتسحرهم‬
                                   ‫‪ 8‬محمد عبد اللطيف عبد العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
                                                                                                            ‫وتثنيهم عن طريق الصواب وتجبرهم على إتباع باطل»(‪.)30‬‬
    ‫‪ 9‬رؤوف عبيد‪ ،‬القضاء الجنائي عند الفراعنة‪ ،‬المجلة الجنائية القومية‪ ،‬عدد‪ ،3‬مجلد ‪ ،1‬لسنة‬         ‫إذن كل هذه الآيات الكريمة ورد فيها ذكر لمعنى من معاني الإرهاب‬

                                                                 ‫‪ ،1958‬ص‪.70‬‬

    ‫‪10‬عبدالحميد عبد الخالق علي احمد‪،‬جريمة الارهاب الدولي ـ النظرية العامة لجريمة الارهاب ـ‬

    ‫اهم صورها ـ المعالجة القانونية لمكافحتها‪ ،‬رسالة دكتوراه غير منشورة ‪ ،‬كلية الحقوق ـ جامعة‬

                                                          ‫القاهرة‪ ، 2005 ،‬ص‪.26‬‬

    ‫‪ 11‬محمد عبد اللطيف عبد العال‪ ،‬عقوبة الإعدام‪ ،‬دراسة مقارنة في القوانين الوضعية والشرعية‬

                                   ‫الإسلامية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص‪.27‬‬

    ‫‪ 12‬نجاتي سيد سند‪ ،‬الجريمة السياسية في القوانين الوضعية المقارنة وفي الشريعة الإسلامية‪ ،‬رسالة‬

                           ‫دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،1983 ،‬ص‪.19‬‬

                                             ‫‪ 13‬صوفي أبو طالب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬

‫‪29‬‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34