Page 27 - Book final 1march
P. 27
العدد الثاني -السنة الأولى أذار 2017
على قمة مرتفعة وهو حي مع مصادرة جميع ما يمتلكه من أموال )12(.وكان عام 323ق.م ،حيث دبرت مؤامرات إرهابية ضد ملوك وملكات مصر،
أسلوب النفي والأبعاد خارج حدود الوطن من الأساليب المتبعة في اليونان كان هناك عمليات إرهابية سببها يعود إلى اتجاهات دينية أو فكرية
قديما ،لمواجهة أشخاص يتهمون بالعنف السياسي ،بيد أن هذا الإجراء أصبح ضمن إيديولوجيات معينة دفعت البعض إلى القيام بمحاولات إرهابية
فيما بعد يمثل حالة عامة يراد بها استبعاد كل من يعارض الحكم حتى وان حفظتها لنا صفحات التاريخ )10(.وربما كانت من أشهر هذه القصص
قصة «أوزوريس» حيث قام أخوه «ست» بتدبير مؤامرة ضده ،وبالفعل
كان محقا ،فيطيل العمل بهذا النظام)13(. قتل أوزوريس وقطِّع جسده إلى قطع وأُلقي به فى النيل ،وعندئ ٍذ بحثت
وتنقل لنا أخبار الصراعات التي كانت دائرة بين أحزاب المدن اليونانية القديمة «إيزيس» زوجة أوزوريس عن زوجها وجمعت أجزاء جسمه مرة أخرى
صورة جماعية للعنف الإرهابي ليست بعيدة عن صورة الإرهاب من حيث
النتائج المادية والمعنوية التي تخلقها اليوم العمليات الإرهابية ،ومثال ذلك وبعثته في العالم الآخر كملك حي ورب في مملكة الموتى
ما شهدته مدينة «كورسيكا» من صراع حزبي بين الاوليجارشية والديمقراطية، منحوته حجرية من زمن الملك رمسيس الثاني تبين التضحية باصحاب
خلفت آثار دمار مادي ومعنوي بين الطائفتين من أجل كسب نتائج سياسية.
الوجوه السود والاسيوييون للاله آمون
()14 3ـ دويلات المدن اليونانية :ـ لان حياة الآلهة ليست مستقلة عن حياة
4ـ عصر الرومان :ـ أشكال العنف ومشاهد القتل لدى الرومان كانت أكثر البشر في دويلات المدن اليونانية ،بل كانت هي مصدر الخير والكوارث
وحشية من مما عرفته الحضارات السابقة ،لاسيما وأن الرومان لا يفرقون في الوقت نفسه وان المساس بكنهها يعد جريمة سياسية أكثر من كونها
بين عدو الداخل وعدو الخارج مادام الكل يساهم في زعزعة الأمن وتقويض جريمة دينية يتم إيقاع عقوبتها على الفرد بشكل يعد من أشكال العنف
السلطة ،بل إن المجرم السياسي لم يعد جرمه ليس ضد السلطة الحاكمة الإرهابي ،بل ان تنفيذ الحكم بحد ذاته من أبشع أساليب القتل ،والمتمثل
فحسب بل هو عدو للأمة بأسرها ،خاصة ما يتعلق منها بالتآمر مع أعداء في تجرع المحكوم عليه السم بنفسه ،وخير مثال على ذلك إعدام
الوطن ،والتمرد والقيام بثورة ضد سلطة ملك البلاد .وعليه فإن عقوبة الفيلسوف سقراط بالطريقة نفسها عام 399ق.م )11(.ومع تقدم
مرتكب هذه الأعمال تصنف ضمن أقسى أنواع العقوبات ضد البشرية والتي أنظمة الحكم اليونانية القديمة ت ّم فصل الجريمة السياسية والمساس
تتمثل بمنع صاحبها من شرب الماء ثم حرقه في النار ،أو إلقائه إلى حيوانات بالملك ،وبين الجريمة الدينية والمساس بالآلهة ،وما أن ح ّل النظام
مفترسة ،ولا تسلم من العقوبة حتى أمواله المصادرة وأفراد عائلته )15(.ثم الديمقراطي بديلا للنظام الجمهوري في أغلب المدن اليونانية خاصة أثينا،
تميز مفهوم المجرم السياسي من داخل البلاد خلال عهد الجمهورية الرومانية وحرص المجتمع على المحافظة على النظام القديم ،أصبح من يتعرض
وأصبح كل من يقوم بأعمال عنف إرهابية ضد السلطة الحاكمة هو مرتكب لنظام الحكم مجرما وعدوا لأثينا ،وحرص المجتمع على المحافظة على
لجريمة تدعى «جريمة الجلالة» وهي جريمة تشمل كل من يرتكب أعمالا من النظام القديم ،أصبح من يتعرض لنظام الحكم مجرماً وعدواً لأثينا ،
شأنها المساس بالسلطة من داخل البلاد أو خارجها ،لذلك فإنه من المتوقع أن حيث عرفت المدينة أبشع عقوبة لجريمة العنف السياسي أو المساس
تكون عقوبتها اشد قسوة من ذي قبل )16(.وبحلول القرن الأول الميلادي فقد بالشعب اليوناني ،تتمثل في إلقاء المتهم بالجريمة مكبلا أمام الشعب من
شهدت الإمبراطورية الرومانية صورة جديدة من العنف الإرهابي غير المألوف
سابقا أَلا وهو العنف المنظم من قبل جماعات أهدافها سياسية بحتة في حين
كانت صور العنف الإرهابي في السابق ولدى كل الدول والممالك القديمة تأخذ
طابع العنف المتذبذب .لقد تبنت جماعة عرفت باسم «السيكاري» وهم
عصابة تمثل حركة يهودية منظمة استخدمت العنف كوسيلة وأداة لتحقيق
أهدافها السياسية ضد الحكم الروماني ،وكانت طريقة إرهابهم باستخدام
وسائل غير تقليدية ،حيث عرف عنهم استخدام نوع من السيوف القصيرة
أو الخناجر تدعى «سيكا» ،من السهل إخفائها دون أن ترى في وضح النهار
وهي مخبئة تحت أرديتهم ،لينفذوا أعمالهم الإرهابية في الطرق العامة أثناء
الاحتفال بالمناسبات والأعياد ،كما تجاوزت أعمالهم الفردية إلى القيام بهدم
وحرق المنازل وتخريب البنى التحتية للدولة لاسيما تخريب مصادر المياه
وغيرها من الأعمال المشينة ،لذا عدت الأعمال الإرهابية العنيفة التي قامت
بها هذه الجماعة من أول وأخطر أعمال العنف المنظم في التاريخ)17(،
وكنتيجة حتمية لأي عمل إرهابي منظم فإن حركة السيكاري انتهت دون أن
تحقق أهدافها ،والتي عبثا روج لها البعض من أنها كانت تنشد الحرية وأنها
قادت تمردا ناجحا ضد الرومان )18(.وكان آخر تواجد لهم في فلسطين عندما
حاولوا نشر العنف والإرهاب بدعوى إعادة بناء هيكل اليهود والمسمى
بالمعبد الثاني كنوع من التحدي والعصيان ضد الإمبراطورية الرومانية ،فتحرك
27

