Page 28 - Book final 1march
P. 28

‫العدد الثاني ‪ -‬السنة الأولى أذار ‪2017‬‬

‫بـ»الفدائيين» أو «الموفون بالعهد» إلا أن الاسم الشائع لأكثر الحركات التي‬   ‫الجيش الروماني نحو فلسطين بقيادة «سيباستيان» ودمروا «أورشليم»‬
‫استخدمت العنف أسلوبا لتحقيق أهدافها هو اسم «فرقة الحشاشين»‬                 ‫عام ‪70‬م وبذلك تم تشريدهم والقضاء على وجودهم كحركة منظمة‬
‫وهي فرع من الفروع الشيعية المنسوبة إلى الطائفة الإسماعيلية‪ ،‬التي‬           ‫دون القضاء على فكرهم وإيديولوجيتهم التي توارثتها الأجيال جيلا بعد‬
‫كان مركزها إيران‪ ،‬وهي أول من ابتكر أسلوب الإرهاب بديلا عن الحرب‬            ‫جيل‪ ،‬مما خلق نوعاً جديداً من الصراع والتطرف الديني الذي تشهده‬
‫المعلنة وذلك لضعف قوتها وعدتها وقلة عددها (‪ , )21‬اليهم يرجع ابتكار‬         ‫الأراضي الفلسطينية وإسرائيل نفسها في الوقت الحاضر‪ ،‬وما حادثة‬
‫أسلوب الاغتيال بالقتل لأول مرة في التاريخ حتى أصبح الاسم المشتق من‬         ‫اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي «إسحاق رابين» عام ‪ ،1995‬على يد شاب‬
‫اسم فرقتهم «حشاشين» (‪ )Ashashin‬هو المصطلح الذي عرفته معاجم‬                 ‫متطرف‪ ،‬إلاَّ تذكير بنفس طرق القتل التي مارسها أجداده السيكاريون‪،‬‬
‫اللغة الانجليزية لكلمة الاغتيال «‪ )Assassin».(22‬وهذا العمل المميز في‬       ‫حين اغتال «ايجال عامير» رابين أثناء احتفال عام وفي وضح النهار‪)19(،‬‬
‫إرهابهم والمتمثل في اغتيال الحكام يعتبر اليوم أكثر الأعمال التي تلاقي‬      ‫وبدلا من استخدامه للسيف القصير (السيكا) أطلق عليه عيارات نارية‬
‫شجباً واستنكاراً من قبل المجالس الدولية والمنظمات الحكومية العالمية‬        ‫‪ .‬ومن هذا المنطلق وغيره كان مبتغانا في دراسة تاريخ العنف البشري ‪.‬‬
‫التي تشكل محاكم خاصة لمعرفة مرتكبي جرائم الاغتيالات السياسية‬
‫ورموز الحكم في العالم‪ ،‬وما يشفع لهذه الفرقة من كونها تقتصر في إرهابها‬               ‫ثالثا – العنف الإرهابي في التاريخ الإسلامي‪:‬‬
‫على اغتيال الحكام دون المدنيين‪ ،‬أنها تميز عن الفرق الإرهابية السالفة‬
‫الذكر في التاريخ ومنها فرقة السيكاري‪ .‬ومن هنا يظهر الفارق الجوهري‬          ‫عرف التاريخ الإسلامي أثر وفاة الرسول (ص) في عدد من البلدان‬
‫بين عنف الطوائف الإسلامية قديما وسابقاتها الطوائف اليهودية من حيث‬          ‫والأمصار الإسلامية عدداً من حوادث العنف الإرهابي التي تندرج ضمن‬
‫كون الأخيرة تمثل أعمالها إرهابا لمعناه الحقيقي لما تسببه أعمالها المتمثلة‬
‫بالحرق والهدم والتدمير وتسميم المياه‪ ،‬ليعم الضرر على العامة من أبناء‬                ‫أحداث التاريخ التي تستهدف الرموز والشخصيات الدينية‪.‬‬
‫الشعب وليس لمن هم في السلطة الحاكمة‪ ،‬بينما كان عمل الحركة الأخرى‬           ‫ومن المفيد أن نذكر أن العنف الإرهابي في بداية ظهور الإسلام لم يأخذ‬
‫من حيث المدى والأسلوب‪ ،‬منصبا نحو تحقيق أهداف سياسية‪ .‬لكن يبقى‬              ‫طابع التكتل الجماعي المنظم‪ ،‬بل اقتصر على بعض الأعمال الفردية‬
‫العنف والقتل هو السمة الغالبة في إيديولوجية أفكار كل الطوائف‪ ،‬وهو‬          ‫التي كان هدفها سياسي في اغلب الأحيان‪ ،‬ومنها قتل الخلفاء الراشدين‬
                                                                           ‫الثلاثة (رضي الله عنهم) بعد خلافة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)‪،‬‬
    ‫عمل يصدق عليه وصف الإرهاب بمعناه الحقيقي في وقتنا الحاضر‪.‬‬              ‫إلا أن الإرهاب القائم على أساس التطرف الإسلامي‪ ،‬يرجع في أصوله إلى‬
‫أما معرفة العالم العربي الإسلامي للإرهاب والقتل الجماعي وتدمير المصالح‬     ‫حركة واحدة انبثقت منها العديد من الطوائف والحركات وهي حركة‬
‫العامة‪ ،‬فانه لم يظهر إلا في السنوات الأولى من القرن العشرين عندما‬          ‫الخوارج التي شهدها العالم الإسلامي إبان التحكيم بين أمير المؤمنين‬
‫بدأ الضابط الانجليزي «توماس لورانس» والمعروف «بلورانس العرب» في‬            ‫علي (رض) والخليفة معاوية بن أبي سفيان‪ ،‬اثر معركة صفين عام ‪37‬هـ‪،‬‬
‫الجزيرة العربية‪ ،‬في تدريب ثلة من أبناء الجزيرة على أساليب الإرهاب‪،‬‬         ‫حيث كفر أصحاب حركة الخوارج علي بن أبي طالب لأنه قبل مبدأ‬
‫مثل تفجير سكك الحديد والمقاهي‪ ،‬ومن ذلك العهد عرف عالمنا العربي‬             ‫التحكيم‪ ،‬كما ك ّفروا من قام بعملية التحكيم تلك‪ ،‬واعتبروا كل من‬
‫الإسلامي العنف الإرهابي بالتخريب والقتل‪ ،‬ثم انتشر في فلسطين عن‬             ‫يخالف نهجهم من المسلمين كفارا‪ ،‬ثم تحول العنف الإرهابي المتمثل‬
‫طريق الفرق اليهودية مثل «الهاجانه» و»عصابات الاراجون» وغيرها‪،‬‬              ‫بالقتل والتكفير لمن خالفهم إلى عنف سياسي فيما بينهم إذ انقسموا إلى‬
‫التي أزهقت أرواح الأبرياء من النساء والأطفال‪ ،‬مما أجبر ذلك العديد من‬       ‫عشرين فرقة تعادي كل واحدة الأخرى لأسباب معظمها سياسية ترمي‬
                                                                           ‫إلى كسب المناصب وتستأثر بالغلبة لنفسها ومحاولة إقصاء الآخرين‬
                                                                           ‫باستعمال العنف والقتل للرموز السياسية‪ )20(،‬ووصفوا أنفسهم‬

                                                                                                                                               ‫‪28‬‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33