Page 32 - Book final 1march
P. 32

‫العدد الثاني ‪ -‬السنة الأولى أذار ‪2017‬‬

                            ‫وكان آخر ما نزف شع ًرا في غربته‪:‬‬                                        ‫نال الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد العديد من الألقاب فهو شاعر القادسيتين‬
‫خ َـوفاً على قلب ِـ َك المَطعون ِ ِمن ألـَمي سأ ُطْب ِـ ُق الآ َن أوراقـي على قـَل َـمي‬             ‫وشاعر العرب الأكبر وشاعر الوطن وغير ذلك كثير‪ ،‬كما نال التكريم في فرنسا‬
‫نـَ َشـ ْر ُت فيـ َك حياتي كل َـّهـا َعل َـماً الآ َن هـَ ْبني ي َـداً أطوي بهـا َعل َـمي !‬
‫يا ما َحلم ُت مِبَو ٍت فيـ َك ‪ ،‬يـَحمل ُـني بـِه ِ َضجيـ ٌج ِم َن الأضوا ِء والظـُلـَم ِ‬                                                     ‫بوسام شاعر العالم‪.‬‬
‫أهلي ‪َ ،‬و َص ْحبي ‪ ،‬وأشـعاري ُم َنث َّـ َرة ً على ال َجنـا َزة ِ‪ ..‬أصـواتاً ب ِـلا ك َـلِم ِ‬        ‫أما الحديث عن شعره فذو شجون ويحار المرء أي قصيدة ينتقي من اثنين‬
‫إلا « عراق « ت ُـنـاديني ‪َ ..‬وها أن َـذا أصحو بأنأى بقاع ِالأرض ِمن ُحل ُـمي‬                        ‫وخمسين ديوانًا للشاعر الذي ظل يتنفس شع ًرا وقد تجاوز الثمانين من‬
‫فأ ُب ِر ُص الناس ‪ ،‬لا أهلي ‪ ..‬ولا ل ُـ َغتي وأ ُب ِر ُص الـ ّرو َح فيهـا ثـَل ْـ ُم ُمنث َـ ِلم ِ‬  ‫سن ّي عمره التي ابتدأت وانتهت بالقهر وتوسطها عم ٌر من المجد العريض‪.‬‬
‫أمو ُت فيكم ‪ ،‬ولـَو َمقطوع َـة ٌ ِرئـَتي يا لائمِ ي في العراقيّيـن ‪ ..‬لا تـَل ُـم ِ!‬                ‫هو الذي صدح بقصيدة (صبر العراق صبو ٌر أنت الجم ُل)‪ ،‬وهو قائل (لا‬
‫وقد سجلناها بعدستنا المتواضعة في إحدى جلساتنا العديدة مع الشاعر‬                                     ‫تطرق الباب) و (سفر التكوين) و (بلى‪ ،‬كل ذي قول ٍة قالها) و ( َمتى ِمن‬
                                                                                                    ‫طول ِنـَ ْز ِف َك تَستـَري ُح ؟ * َسـلاماً أي ُّـها ال َوطـَ ُن ال َجري ُح !) ومئات القصائد‬
                                        ‫في منفاه في ع ّامن‪.‬‬                                         ‫التي تتغنى بالوطن والمرأة والطفل والنخلة والنهر والجنود والتاريخ‪ ،‬والتي‬
‫كانت أمنيته الأخيرة أن يُدفَ َن في بغداده لكنها أمنية مشروطة بكونها‬
‫بغداد التي يعرف‪ ،‬لا بغداد المحتلة‪ ،..‬فأوصى أن يُدفن في ثرى شقيقتها‬                                                                 ‫ستبقى في ذاكرة عشاق الشعر ‪.‬‬
‫(ع اّمن) لكي يكون قريبًا‪ ،‬لكن شاءت المقادير أن يتوفاه الله في باريس‬

                                ‫وشاءت عائلته أن يُدفن فيها‪.‬‬
‫وكانت وفاة عبد الرزاق عبد الواحد في الثامن من تشرين الثاني نوفمبر‬

‫‪2015‬م آخر استفتاء لشخصه وشعره‪ ،‬فأنصفته دموع الملايين من العراقيين‬

‫والعرب‪ ،‬وكان مجلس تأبينه الذي أقامه البيت الثقافي العراقي في ع اّمن‬
‫تظاهر ًة وطنية نادرة الحصول‪ ،‬فلقد تحول العزاء إلى مهرجان كبير تغنى‬

                ‫خلاله الحضور – عراقيين وعربًا ‪ -‬بالشاعر والوطن‪.‬‬
‫لا يكفي مقال يُكتَب للحديث عن عبد الرزاق عبد الواحد أ ًخا وصدي ًقا‬
‫وشاع ًرا كبي ًرا‪ ،‬لكن أرجو أن أكون ُوفّقت بإلقاء الضوء على قام ٍة ستُكتب‬

         ‫فيها الأسفار وسيخلدها تاريخ الأدب العربي بأحرف من نور‪.‬‬

                                                                                                                                                                                                 ‫‪32‬‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37